وكانت السلطات المصرية، قد وجدت كميات كبيرة من لقاح فيروس كورونا ملقاة في القمامة بإحدى قرى محافظة المنيا جنوبي البلاد بعد أن أبلغ أهالي قرية أبشاق التابعة لمركز بني مزار السلطات عن مجموعة من الأكياس تحوي آلاف الجرعات غير المستخدمة من اللقاح بين القمامة فيما تداول نشطاء صورًا لها عبر مواقع التواصل الإجتماعي. 

وذكرت النيابة العامة المصرية، في بيان، أنّها تلقّت بلاغًا من وزارة الصحة، الخميس الماضي، حول "عثور موظّف بالإدارة الصحية بمركز بني مزار بمحافظة المنيا، على كميةٍ من عبواتٍ للقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد، ملقاة بمصرف مياه وبجواره". 

وكانت وحدة الرصد والتحليل بمكتب النائب العام قد رصدت تزامنًا مع ذلك أخبارًا متداولة حول الواقعة بمواقع التواصل الإجتماعي، فأمر المستشار النائب العام بالتحقيق العاجل فيها.

 

 

التحفّظ على العبوات

وعاينت النيابة العامة محلّ الواقعة وأمرت بالتحفّظ على العبوات الملقاة بالطرق الطبية المناسبة، وتبيّنت أنها مخصّصة لمديرية الصحة بالمنيا، فانتقلت لمحل إيداعها بالمديرية واطّلعت على ما سجّلته آلات المراقبة هناك، وسألت عدداً من مسؤولي المديرية، وأفراد الأمن بمخازن الأدوية التابعة لها، بحسب البيان.

وشكَّلت النيابة لجنة منها لجرد تلك المخازن، "فتبيّنت عجزاً بها بواقع 18 ألفًا و400 عبوة، تقدَّر قيمتها بإجمالي خمسة ملايين وثلاثة وعشرين ألفًا ومائتي جنيه مصري".

وفحصت اللّجنة العبوات الملقاة وكان عددها 13 ألفًا 412 عبوة، فانتهت إلى عدم صلاحيتها للإستخدام لوجوب حفظها في درجات تبريد محدّدة وتعرّضها للعوامل الجوية التي أثّرت على كفاءتها وفعاليتها، كما تبيّنت فقد كمية أخرى تقدَّر بـ4988 عبوة من المخازن.

وبحسب النيابة، فإنّ التحقيقات توصّلت إلى أنّ الكمية الملقاة تسلّمها صيدلي مفوّض من مديرية الصحة بالمنيا من هيئة المصل واللقاح بالقاهرة ضمن كمية أخرى، وقدّمها إلى قائد سيارة تابعة لوزارة الصحة لنقلها إلى أمين مخازن المديرية المذكورة دون أن يستقل السيارة، فسلّمها قائد السيارة المذكور إلى أمين المخازن، وأودعت بالثلاجات المخصّصة لها دون حصرها وفي غياب الصيدلي المفوض بالتسليم والتسلم.

الإهمال الجسيم

وتوصّلت تحريات الشرطة، بحسب البيان، إلى أنّ "الإهمال الجسيم" من الصيدلي وأمين المخازن هو ما ترتّب عليه فقد كمية العجز بالمخازن، فأمرت النيابة العامة بضبطهما وقائد السيارة، وخاطبت النيابة العامة شركات الإتصالات المختصة للإستعلام عن المحادثات الصادرة والواردة عبر هواتف المتّهمين الثلاثة ونطاقاتها الجغرافية.

وقالت النيابة إنه تم "ضبط المتّهمين الثلاثة، وباستجوابهم فيما نُسب إليهم من اختلاس وإضرار عمدي بالمال العام أنكروا، تباينت أقوالهم حول روايتين؛ الأولى أنّ مجهولين حائزين أسلحة نارية قطعوا طريق قائد السيارة المحمّلة بالعبوات وسرقوا كمية منها وقُدِّم تسجيل لمحادثة بين الصيدلي وقائد السيارة تدليلًا على تلك الرواية، والثانية أنّ مجهولين سرقوا تلك الكمية أثناء تواجد قائد السيارة بأحد المقاهي". 

وفي الحالتين لم تتلقَّ وزارة الصحة إخطاراً بواقعة السرقة حتى العثور على الكمية الملقاة، بحسب النيابة، ما أدّى إلى إصدارها قرارًا بحبس المتهمين الثلاثة أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، والتحفّظ على هواتفهم المحمولة لفحصها بالإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية. 

وأمرت المحكمة المختصّة بمد حبس اثنين من المتهمين 15 يوماً إضافية، وجارٍ عرض الثالث عليها، بحسب النيابة العامة. 

تسريع وتيرة التطعيم

وفي إطار استكمال التحقيقات أمرت النيابة العامة، بمطابقة خطوط سير المتّهمين الثلاثة من واقع فحص محادثاتهم الهاتفية ونطاقاتها الجغرافية مع خط سير السيارة المحمّلة بالعبوات الملقاة على نحو ما ثبت بجهاز تتبّع السيارة بوزارة الصحة، بالإضافة إلي مطابقة أصوات المتّهمين الثلاثة مع الأصوات بالمحادثة المشار إليها لكشف حقيقة واقعة إلقاء وفقد عبوات اللقاحات.

يذكر أنّ الحكومة المصرية تحاول تسريع وتيرة التطعيم بالحصول على جرعات كافية، وتستهدف تطعيم 40 بالمئة من السكان مع نهاية العام الجاري فيما أعلن مجلس الوزراء المصري، أنّ إجمالي جرعات اللّقاح الموجودة في البلاد وصل نحو 60 مليون جرعة، وأنّ هذا العدد يفوق أعداد المواطنين الذين سجّلوا للحصول على اللّقاح عبر الموقع الإلكتروني المخصّص لذلك منذ سبعة أشهر.